التصلب الفكري

التصلب الفكري داء من أدواء النفس لا العقل، نعم العقل غير المرن يميل إلى التصلب كثيراً، لكن المعول عليه في تصلب الفكر هو النفس المنغلقة، الخائفة، المتوجسة، الحذرة، فإذا أردنا أن نتخلص من التصلب الفكري، فإن ذلك لا يكون بكثرة القراءة، لأن هناك من يقرأ كثيراً وهو مقيم على التصلب الفكري، بل إن زيادة القراءة تعني زيادة التصلب، لأن النفس المنغلقة تقوم بإغلاق جميع الأفكار وحشرها في قوالب ضيقة، والعقل غير المرن يأسر هذه الأفكار أيضاً، ويطوعها في صالح التصلب الفكري، فالمعلومات تعتبر مادة يقتات عليها التصلب الفكري، فالمتصلب كلما زادت معلوماته زاد تصلبه. يتعذر على بعض النفوس الفصل بين ما يتطلب الصمود والصلابة، وبين ما يتطلب التوسع في التفكير والمرونة في التدبير، فيجعلها كلها في خانة واحدة، ويتعامل مع كل المواقف بطريقة واحدة، وحل واحد، إنه منغلق، وخائف، ومتوجس، وحذر، ويريد أن يتخلص من جميع المواقف بالتصرف السريع البسيط الذي يصدر فيه حكماً شاملاً أبدياً، وينتهي الأمر مثلا: (كلهم هكذا)، أو (لا فائدة من كذا)، يريد أن يتعامل مع جميع الأحداث بتفسير واحد بسيط مريح وينتهي الأمر، مثل: (نظيرة المؤامرة)، أو ...