المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠٢٣

برمودا الرغبة 🌪️

صورة
  قوانين الكون لا تعمل وفق ما نشتهي، هي ناموسية الحركة، وتعمل في حقل مُطَّرد مهما بدا لنا تَقَلُبَها، إلا أن النسق الذي تسير فيه يكاد يكون ثابتاً بطريقة مدهشة، لذلك من الوعي العالي الفهم، فهم قوانين الكون، والفهم لا يتأتى لمن هو في عجلة من أمره، لمن هو يجري بسرعة، لمن يلهث؛ لا تلهث، توقف، أمسح جبينك، أشرب كوباً من الماء، هدئ من روعك، أنت كائن حي، والكائن الحي فاهم، متكيف، مهتدٍ لما ينفعه، محترزاً مما يضره، أنت تملك سر الانسجام الكوني العظيم، ولكنك تغطيه بالرغبات المستعرة، بالإرادات المتناقضة، بالمتطلبات التي لم يحن وقتها بعد! عندما تريد شيئاً وتتعلق به، وتسعى وراءه بلا انقطاع، وتقبض يدك بإحكام، وتشد بشرة وجهك، ويمتقع لونك، وتتقلص أحشاؤك، وتصاب بالإمساك النفسي، وتبدو مثل الطبل المشدود بقوة، وتصدر أصوات الشكوى والعويل، ثم ترتخي قبضتك، وتضمر أحشاءك، وتتهاوى على كرسي الانتظار الكئيب، ويتساقط عليك المطر، وتتبلل ثيابك وعصى المظلة بيدك، لكنك منهك القوى، ذاهل عن محيطك، قد تشرق الشمس، وتجف الملابس، وتنفتح عيناك على البصيرة، لقد كنت في برمودا الرغبة المدمر، لقد كنت في دوامة التعلق العسير، لقد

الكيمياء السامة 🧪

صورة
  عندما ولدتَ كنتَ تتمتع بانسجام كوني، فأنت تنمو، تزدهر، تتفتح، تتنفس العافية، وتطرد الشوائب، ولكن بعدما تكبر، وتكثر عليك التجارب، تبدأ بمحاكاة غيرك في نوع كلماتهم، وردود أفعالهم، ومواقفهم، وانحيازاتهم، ومنافساتهم، وحروبهم الباردة، فتبدأ عضلات روحك في الضمور، وخلايا جسدك في التكلس، وشرايين حياتك في الانسداد. التوتر، الخوف، القلق، الاستياء، الغضب، الانتقام كلها متطلبات لوصفة الكيمياء السامة، بثور، تجاعيد، تقلصات، مفرقعات، خطوط، شحوب، نضوب، هيه توقف عن هذا! لماذا تقتل الحياة؟ لا تكن كمالياً، ولا تكن لطيفاً بشكل مبالغ فيه، ولكن لا تستدعي الهموم والسموم، وخذ هذه المعلومة: خلاياك تتجدد كل أحد عشر شهراً، إذن أنت جديد مرة بعد أخرى كقانون كوني متاح للجميع، ولذلك نعرف أهمية التحضير لأهداف السنة الجديدة، ونعرف مدى أهمية الفكر التطهري كل سنة، واستحضار التخلي الواعي كل سنة. الكيمياء السامة تعمل عملها من خلال أنابيب حياتك، فهي تصب من وعاء في وعاء عبر هذه الأنابيب، هذه الشبكة من الأنابيب هي الخطوط الموصلة بين أجزاء حياتك المبعثرة، من مهمات الكيمياء السامة بعثرة حياتك، تشتيتك، تضييعك، بعدما يتم

حديقة العقل

صورة
  العقل يشبه الحديقة، تعامل مع عقلك كما تحب أن تتعامل مع حديقتك، هَيِّئ تربة عقلك للأفكار العظيمة، قَلِّب تربة عقلك بعناية، جدد خلايا عقلك بشكل دائم، أبدأ بوضع البذور المنتقاة، وَزِّعها بالشكل المطلوب، كن متناسقاً، تخلص من الحشائش الضارة، والأفكار الضارة، لا تملأ عقلك بالمعلومات، لا تخش من المناطق الفارغة، تفريغ العقل مهمة المرفهين، لتكن لديك مساحات شاسعة كالفضاء، فهنا يكمن السكون، والأَلَق، والحضور المفيد. عندما تنخرط في سلوكيات غريبة، أو ردود أفعال طائشة، أو نوبات ظلامية، فتش في حديقتك، انظر من تسلل إليها في غفلة منك، ورمى ببذرته الخبيثة، ابحث عنها، نَقِّب، اجتثها من أصولها، أرمها بعيداً، أحتضن حديقتك مرة أخرى بعد طرد هذا الجسم الغريب العاجز. تعاهد حديقتك ببذور الحب، بذور السلام، بذور الهدوء، بذور التوازن، لا تظن أن هناك من سيؤدي هذه المهمة غيرك، وإن تبرع أحدهم بذلك، فهو يريد أن يستعبدك، أن يقود عقلك، أن يبيعك ويشتريك في سوق العقول المستأجرة والمتاحة، وليكن شعارك "أفدني، ولكن لا تبتلعني، سأفيدك ولكن لن أستعبدك". لا تنظر للخارج، كل شيء في عقلك، عقلك هو الكون بسماواته،

الرسم بالناي🪈

صورة
  قد تأخذك الأيام، وتأخذك الأحداث، وتأخذك الظروف إلى أماكن لا تناسبك أبداً، ولا ترتاح فيها أبداً، ولا تشعر فيها بالاستقرار أبداً، ويظل ذلك الصوت الندي في داخلك يناديك، يدعوك لذاتك، يرشدك إليك، يوقظك بلطف في الصباحات الحالمة، وأحياناً يزعجك في ليلك لتتمشى في الجوار، وتتهادى في الطرقات، وتبحث عن شيء لا تدري كنهه، لكنه قريب، مألوف، مأنوس، لا تستعجل، ولا تتباطأ، عليك بالإصغاء طويلاً، فهذا الصوت لا يكذب، هذا الصوت هو الموقظة، هذا الصوت هو اللقاء، هذا الصوت، هو الجاذبية نحو السمو والامتياز. إن لهذا الصوت مهمة واحدة فقط، ألا وهي تعليمك الرسم بالناي، الناي وحيد، وأنت وحيد، الناي حزين، وأنت حزين، لكنها الوحدة اللذيذة، والحزن اللطيف، إنك كمية من المشاعر المفعمة بالطاقة، إن قلبك مستودع كبير للأسرار، وملجأ دافئ للتائهين، إنك تمتلك جوهر الحياة، وإكسير الوجود، إنك تمتلك الحب. الكون يناديك، الكون يطلب منك القدوم، الكون يدل طريقك بأيسر السبل، ولكنك ما زلت عالقاً هنا، تحرك، تحرر، افتح قلبك، واسمح لنَفَسك بالتردد الكسول، واستمتع بالنغم. الناي قاسٍ وشفيف، الناي في لياليك الزرقاء يهمس في أذنك بالعجا

رقصة الحياة

صورة
  الجاذبية لا يمكن أن تكون في الأشياء الميتة، الأشياء الجامدة، الأشياء الصارمة! الجاذبية تكمن في الأشياء الحية، الأشياء المتحركة، الأشياء الراقصة، أنت ترقص إذن أنت جذاب! الجاذبية قانون من قوانين الحياة، وليست قانوناً من قوانين الموت، الحياة رقصة بين المتناقضات، لقد خدعوك لما حدثوك عن التأقلم، أو التحمل، أنت لم تُخلق كي تتحمل، بل كي ترقص! إذا كنت راقصاً بارعاً فمعنى ذلك أنك ترتكز في موطن قوتك، وتقبل على مصدر شغفك، وتتعاطى من مركز إتقانك، إن الانخراط الكامل فيما تجيد يعني القفز الرشيق على أحداث الحياة المتنوعة، يعني استلهام الدروس بسرعة، يعني التعلم من خلال الفرح، وليس من خلال الأحزان. لا تنافس أحد، أنت لا تحتاج المنافسة، أصلاً لا يوجد أحد كي تنافسه، أنت في سمو شخصي، ورقي روحي، ونمو معرفي، وإتقان نوعي، ونمو يومي، وانتعاش حياتي، أنت ترقص. لا تسلك الطرق الملتوية للنجاح، هي لا تطرأ لك على بال، هي غير موجودة أصلاً، لأنك تريد الوصول بشكل كامل، لا أن تصل بجسدك دون روحك، روحك عزيزة عليك، قيمك مستمدة من طبيعة الحياة، أنت قوي جداً، لأنك تمثل الحياة، أنت ترقص. لا تقلل من شأن الآخرين، أ

المدمرات الصامتة

صورة
  عندما تنجح في أمر ما، تظن أن ذلك بفعلك، وأنك خلقت موهبتك، وأنك قهرت الظروف، بينما الذي حدث هو اصطفاء لك من قبل أن توجد على هذه الأرض، وتسخير لك بعدما وجدت على هذه الأرض، عندما تنسى نفسك وتتكبر، ترتفع عنك هالة الحب التي كللك الناس بها، لقد نفخك الغرور، وأصبحت مثل البالون الذي يكاد يتشقق، لقد كنت رشيقاً وجميلاً ومهضوماً، ولكنه الفخر سم الأرواح. إذا كنت سعيداً فلا تخبر كل أحد، ولا تغني بالسعادة في كل مكان، فهناك نفوس محطمة، وأرواح مظلمة، وكينونات تتلظى عليك، وأنفاس محبوسة تنتظر سقوطك المدوي، أعذرني إنه الواقع. كن سعيداً، مفعماً بالأمل، شارك السعادة مع السعداء، تحدث بطلاقة مع من يحبك بصدق، ولكن كن خُلْداً هامداً بجانب التماسيح. إذا أتقنت مهارة وبرزت فيها، أو بعت منتجاً بشكل مذهل، فكن هنا لا تتجاوز بسرعة لباقي المهارات، ولا تتعجل في بيع جميع المنتجات، لا بأس بالتعلم والتدريب والتطوير، لكن دون خلط، إذا كنت موسيقياً، فليس معنى ذلك أنك تصلح بأن تكون ممثلاً، وكم مر عليك من موسيقي جذاب تحول لأضحوكة بعدما أخذ دوره في التمثيل وكأنه طفل في المرحلة الأولى من الدراسة، لا بأس من أن يتعلم الموس

صيد السمك 🎣

صورة
  هل أعطيك السمك؟ لا، لا تعطيني السمك! ماذا تريد إذن؟ علمني كيف أصطاد السمك. هذه الوصفة التقليدية للإتقان حقيقية، إنها وصفة للنجاح المستدام، وأكثر من ذلك إنها وصفة لتصميم الحياة، تصميم الحياة بالشكل المرتب الجيد، يبدأ من الشغف، الشحذ، التدريب، الإتقان، الصقل، في جانب من جوانب الحياة أنت ككائن حي متفاعل مع الطبيعة، تجد نفسك في ذلك الجانب، ترى كأنك خلقت له، لا تقف كثيراً أمام النماذج الخالدة في هذا الجانب، بمعنى لو كنت شغوفاً بالرسم، ستحب الرسامين، ستعجب بالمتقنين، ستذوب أمام اللوحات العالمية، كل هذا مفهوم،  ولكن الأمور لا تسير على هذا النحو ، كل هذا يُعَبِّر عن مرحلة تمر من خلالها إلى التفرد ، إلى التميز، إلى البصمة الخاصة، إلى الإضافة، إنه شيء داخلي، نبع خاص، اعثر عليه، كرس نفسك له، أعطه الوقت اللازم باستمتاع، ركز، ثم ركز، ثم ركز. المهارة خميرة، الإتقان تفعيل، المهارة محايدة، الإتقان مُتعمد، كن هنا والآن، أفرح بالإتقان اليومي المتواصل، تحسس مكامن النمو، استمتع باللحظة، شاهد أشياءك الصغيرة تتقافز من حولك بكل سرور، لا أستطيع استيعاب ممارسات تصميم الحياة من دون إتقان، ولا أقصد ب