قطار الأفكار
كلنا
نستقل قطار الأفكار هذا، نحن مسجونون في داخله، يذكرني ذلك بمسلسل "قطار
الحياة" الذي يحكي: (أنه ومع تجمد الأرض حتى نواتها، يلجأ آخر البشر الناجين
إلى قطار عملاق يدور حول العالم، لكنهم يعانون من التعايش معًا تحت رحمة توازن
دقيق على متنه)، قطار الأفكار يمثل أمرين:
الأول:
أفكار العصر، أفكار العالم، أفكار مجتمعك، أياً كان تعاملك مع سياق الأفكار، فأنت
تستقل قطار الأفكار، وحتى لو حاولت التفكير خارج الصندوق، فستفكر في صناديق أخرى،
فإن كان تفكيرك محلي ستنتقل للتفكير العالمي الذي قد لا يناسب عقلك، أو عاطفتك، أو
روحك، أو قدراتك، أو ظروفك، فالقضية ليست قضية تنقل بين مقطورات القطار، من الدرجة
الاقتصادية، إلى درجة رجال الأعمال، فأنت ستظل داخل هذا القطار.
الثاني:
سلسلة أفكارك الخاصة، الدائمة، المستهلكة لك من دون نتائج، التفكير للتفكير، تربط
بين الأسباب والمسببات بشكل مفرط، أو لا تربط، ترى علاقات بين أشياء ومفاهيم لا
رابط حقيقي بينها، تتبع أوهام تظنها أفكار، تفكر طوال اليوم في موضوع لا يُدخل
الفكر إلى عقلك، ولا النور إلى روحك، ولا المال إلى جيبك، ولا الطعام الساخن إلى معدتك، عقلك طاحون يضم ويرم، يقضم ولا يهضم.
قطار
الأفكار مساره واحد، لا إبداع فيه، ليس له محطات، ولا غاية وصول، بل هو يسير وكفى،
قطار الأفكار لن يتوقف حتى يتسنى لك النزول منه، لذلك عليك الاحتيال على موظفي
القطار، والخروج من إحدى النوافذ، ومن ثم القفز من قطار الأفكار، نعم قد تُجرح، قد
تُكسر ساقك، وتتوقف عن التفكير فترة، ولكنك ستعود لعقلك الخام، عقلك المتوازن،
عقلك النظيف، عقلك المفيد، الذي لا تُدخل فيه إلا الأشياء التي تعمل، وتتمثل في
الواقع كمعطيات ملموسة، كأفكار منتجة، كخيال مبدع جداً، ستتطور نفسياً، وروحياً،
وجسدياً، ومالياً، ستنتمي للحياة، ستسير في أكثر طرقاتها إثارة وبهجة، بعدما تركت
خلفك المسار الواحد، والحل الواحد، والطريقة الوحيدة، ستخرج من شتاء الفكر الكئيب،
إلى فضاء الكون الرحيب، هنيئاً لك خذني معك.
تعليقات
إرسال تعليق