لماذا نكتب؟
لماذا نكتب؟
هل
نحن نَكتب أم نُكتب؟
أي
أن الكتابة تمارس ذاتها من خلالنا، وتوظفنا لرقيها، وعمقها، وبحرها الخضم، وتقودنا
في مسارات ومسارات من الوعي، من التركيز، من الكثافة!
تأخذنا
الكتابة لمدن عتيقة، ودروب مضيئة، وقناديل معلقة
تزرع
في داخلنا الشموس والأقمار
تستمطر
في داخلنا الطيور والأشجار
تلف
بنا العالم الفسيح، وتتلو على مسامعنا دروس التاريخ
ننساق
بأرواحنا إليها، وندفن آمالنا وآلامنا بين دفيتها
الكتابة
نار ونور، بهجة وحضور، رنة خالدة، ونغمة منسجمة، وعطر أثيري أخَّاذ
الكتابة
فعل يجري فينا، وليس قرار، جنية صغيرة زرقاء، تنفذ الحبر، وتنشر الأريج، وتبث بذور
التغيير من الداخل إلى الخارج
الكتابة
تبني وتهدم، تَعْصِم وتَقْصِم، تُضيء وتُظْلِم، تَقْرَع النواقيس، وتُحَضِّر
الأرواح، وتجلب المعجزات، وتفتح البوابات العظيمة على ممالك الوعي الشاسعة الذهبية
الكتابة
لا تتحمل مثل هذا السؤال، ولا تحب الأسئلة المشابهة، هي تحصيل وتأصيل، لزمة مركبة،
وجوب والتزام، حرفة المجانين، وتعويذة المستبصرين، وكمنجة العازفين، وصرخة العصور
على مدى الدهور، تهز الأفئدة، وتستفز الشعور، وتجلد الوجدان، وتشعل الحرائق في كل
مكان، تُضِيف وتُحِيف، تفرش الأرض بالرياحين، وتبسط النور على العالمين، وترفع
الحضارات، وتقيم الدنيا ولا تقعدها
الكتابة
قوت العارفين، وبستان المبدعين، وسراج الزاهدين
الكتابة
زيت وبلور وجوهر وباب وقلعة حصينة
الكتابة
فاعل
الكتابة
كائن حي، يتنفس ويأكل ويتغذى على حساب الكَتَبَةٌ المساكين
من
ابتلع دودة الكتابة ودَّع النوم، وطوى الفراش، وسار في طريق الحب الخالد
لك
الله يا تلك الأنامل المرتجفة في جنح الظلام، والتي لا تفتأ تمد العالم بالولادات
الجديدة والأنوار الجديدة والشموس الجديدة والأقمار الجديدة
لك
الله فأنا أشعر بك، فدودة الكتابة تنهش منك، دودة الكتابة من ابتلعها لم يستطع إخراجها،
ولو بذلك في سبيل ذلك كل ما يستطيع، فليس إلى خروج من سبيل.
تعليقات
إرسال تعليق