الجمال العاطفي


الجمال العاطفي لا يمكن أن يكون إلا مع الذات، لا مع الآخرين أبداً، والدليل على ذلك شعورك العالي وأنت مقبل على ما تحب، منشغل بما تهوى، قد اكتفيت بذاتك، واهتممت بتطوير قدراتك، فما أن يدخل عالمك الجميل هذا طرف آخر، وتستشعر لذة حضوره، إلا وانقلبت جنتك إلى جحيم، ونهرك البارد إلى تنور، ولم تتفرقا إلا بقلوب محطمة، وجوانح محترقة، ورغبة ميتة، هل كل الناس يحدث معهم ذلك؟ لا بالطبع، إذن لماذا التعميم؟

لأنك وأنت تقرأ هذه السطور، فأنت تعلم هل هذا الكلام موجه لك أم لغيرك، لقد تعمدت أن أصدمك في البداية كي تكتشف بنفسك، هل مر عليك الموقف أعلاه أم لا، ومع ذلك فالجمال العاطفي بالفعل يكون مع الذات أولاً، بمعنى أنك لن تحصل على علاقة جميلة إلا إذا كانت علاقتك بذاتك جميلة، وهنا سؤال: إذا كانت علاقتي بذاتي جميلة فلماذا اسمح لشخص آخر أن يدخل حياتي!

والجواب بكل بساطة: الجمال العاطفي المشترك نتيجة طبيعية للجمال العاطفي الشخصي، ستجذب رغماً عنك من يشبهك، لا من أجل أن تتعلق به وتمرضا سوياً، ولا من أجل أن يُكَملك، فأنت مكتمل وهو مكتمل، بل من أجل إضفاء التنويعات الجميلة على الحياة، واتحاد العنصرين الخالدين فيها، وفيض العطاء المتزن والذي يتطلب وجود شخص آخر، ومع ذلك فالعلاقة الجميلة ليست في الحب فقط، بل في الاهتمام المشترك، في الصداقة العظيمة، في التواصل المفيد، في الشراكات الراسخة، ومع ذلك قد تختلط هذه المعاني في الكيان خاصة بين الجنسين، فلا يجد أحدهما تفسيراً لهذه العلاقة، أو مسمى، أو توصيف، وهنا كي لا تلطخ جمال العلاقة، عليك بنظرين:

الأول: إن كنت تشعر بهبوط، ونضوب في الطاقة، وحيرة وتفكير طويل، فتسريح بإحسان.

الثاني: إن كنت لا تشعر بذلك، ولكنك تخشى القادم، فعليك بالوضوح والصدق مع نفسك والآخر، وأخذ هدنة من التواصل فينة بعد أخرى، والتقليل من الاستلطاف، الذي قد يضرك ويضر غيرك، وأيضاً تجنب التواصل في لحظات الهبوط النفسي، لماذا؟ لأنك قد تخسر علاقة ممتازة بسبب ضغطك عليها، أو ضغطها عليك، فهناك الحيرة الأولى بالإضافة لهذا الهبوط مع الاستعجال ثم الانفصال، والسبب مزاج متعكر في هذه الفترة!

بعد هذا قد تستقر العلاقة وتتضح معالمها بيسر، فتكون حباً، أو صداقة، أو اهتماماً مشتركاً، أو شراكة، ولكنها جميلة كجمال الطرفين، ومما يساعد على هذا الاتزان العاطفي، لا الاحتياج والاهتياج والألعاب النارية.

جمال العلاقة في الفهم، في الاهتمام، في إعطاء الحرية، في السماح بالعزلة، في العذر، في الزيادة، في الدعم، في الارتفاع، في التجديد، في الثقة، في الجمال، وما أكثر العلاقات الجميلة التي حطمتها التسميات والتوصيفات والاستعجال، ودق جرس الإنذار، احم نفسك بتوازن، كن جميلاً مع ذاتك، وسينعكس هذا الجمال على علاقاتك، كن متجدداً، كن بخير.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خريطة الوهم، تسمية الأشياء بغير أسمائها

متاهة العقول المتورمة "تضخم الجسد الفكري ودمية ماتريوشكا"

الفطر الحكيم🍄