الرسم بالناي🪈
قد
تأخذك الأيام، وتأخذك الأحداث، وتأخذك الظروف إلى أماكن لا تناسبك أبداً، ولا
ترتاح فيها أبداً، ولا تشعر فيها بالاستقرار أبداً، ويظل ذلك الصوت الندي في داخلك
يناديك، يدعوك لذاتك، يرشدك إليك، يوقظك بلطف في الصباحات الحالمة، وأحياناً يزعجك
في ليلك لتتمشى في الجوار، وتتهادى في الطرقات، وتبحث عن شيء لا تدري كنهه، لكنه
قريب، مألوف، مأنوس، لا تستعجل، ولا تتباطأ، عليك بالإصغاء طويلاً، فهذا الصوت لا
يكذب، هذا الصوت هو الموقظة، هذا الصوت هو اللقاء، هذا الصوت، هو الجاذبية نحو
السمو والامتياز.
إن
لهذا الصوت مهمة واحدة فقط، ألا وهي تعليمك الرسم بالناي، الناي وحيد، وأنت وحيد،
الناي حزين، وأنت حزين، لكنها الوحدة اللذيذة، والحزن اللطيف، إنك كمية من المشاعر
المفعمة بالطاقة، إن قلبك مستودع كبير للأسرار، وملجأ دافئ للتائهين، إنك تمتلك
جوهر الحياة، وإكسير الوجود، إنك تمتلك الحب.
الكون
يناديك، الكون يطلب منك القدوم، الكون يدل طريقك بأيسر السبل، ولكنك ما زلت عالقاً
هنا، تحرك، تحرر، افتح قلبك، واسمح لنَفَسك بالتردد الكسول، واستمتع بالنغم.
الناي
قاسٍ وشفيف، الناي في لياليك الزرقاء يهمس في أذنك بالعجائب، الناي يفتح لك الأبواب
الموصدة، ويأخذ بيدك بحنو نحو مكانك المناسب، وزمانك العظيم.
لا
تغفل عن صوت الناي، لا تتوانى في الإطراق للناي، لا تستكثر نداءات الناي، فقليل ما
ينادي هذا الناي البشر.
الناي
حساس، الناي فاخر، الناي خاص، الناي يتكلم بلغة لا يعيها غيرك، ولا يفهمها سواك،
لقد آن الأوان أن ترسم بالناي، أن تنسجم مع الناي، أن تحتضن الناي، أن تلون الحياة
بألوان الناي الآسرة.
هذه
الرسالة لك، فإن كنت مستعداً فسينبت لك جناحان، ويضيء بداخلك قنديل، وتتناغى على رأسك
الفراشات.
تعليقات
إرسال تعليق