حديقة العقل

 

العقل يشبه الحديقة، تعامل مع عقلك كما تحب أن تتعامل مع حديقتك، هَيِّئ تربة عقلك للأفكار العظيمة، قَلِّب تربة عقلك بعناية، جدد خلايا عقلك بشكل دائم، أبدأ بوضع البذور المنتقاة، وَزِّعها بالشكل المطلوب، كن متناسقاً، تخلص من الحشائش الضارة، والأفكار الضارة، لا تملأ عقلك بالمعلومات، لا تخش من المناطق الفارغة، تفريغ العقل مهمة المرفهين، لتكن لديك مساحات شاسعة كالفضاء، فهنا يكمن السكون، والأَلَق، والحضور المفيد.

عندما تنخرط في سلوكيات غريبة، أو ردود أفعال طائشة، أو نوبات ظلامية، فتش في حديقتك، انظر من تسلل إليها في غفلة منك، ورمى ببذرته الخبيثة، ابحث عنها، نَقِّب، اجتثها من أصولها، أرمها بعيداً، أحتضن حديقتك مرة أخرى بعد طرد هذا الجسم الغريب العاجز.

تعاهد حديقتك ببذور الحب، بذور السلام، بذور الهدوء، بذور التوازن، لا تظن أن هناك من سيؤدي هذه المهمة غيرك، وإن تبرع أحدهم بذلك، فهو يريد أن يستعبدك، أن يقود عقلك، أن يبيعك ويشتريك في سوق العقول المستأجرة والمتاحة، وليكن شعارك "أفدني، ولكن لا تبتلعني، سأفيدك ولكن لن أستعبدك".

لا تنظر للخارج، كل شيء في عقلك، عقلك هو الكون بسماواته، ومجراته، وشموسه وأقماره وكواكبه ونجومه، عقلك هو الفلك الدوار، إذا كنت في الداخل فأنت على المسار، لست على المسار الصحيح، بل المسار الموجود، إذ أن النظر إلى الخارج هو بداية الضياع في غبار الفضاء، كنجم تاه عن دربه وتلاشى واختفى.

لا تشتكي من الأحداث، إنها من صنع عقلك، أنت من فعل ذلك، حَطِّم إطاراتك الفكرية البالية، واستبدلها بالإطارات الفطرية الموجودة لديك لكنها مُعَطَّلة، مركونة، مبعثرة في زوايا كيانك، التنظيف، الجمع، الترتيب، التركيز، الإفضاء قوة، غَيِّر مفاهيمك تتغير حياتك.

توقف قليلاً، خذ نفساً عميقاً، تخيل معي عقلك وهو ملون، وهو زاهٍ، وهو مشرق، عقلك حديقة في غاية اللمعان والألوان والجمال، جمال حديقتك، جمال عقلك، سيظهر على كلماتك، حركاتك، صفحات وجهك، ما أجملك، خذ مني قبلة، أنت تستحق الأفضل.