موجات التوسع

 

التوسع كما أفهمه هو الحالة الطبيعية لك، وهو يشير بطريقة أو بأخرى إلى تجربة الحياة بالكامل، وبكافة تنويعاتها، وعدم الرفض والمقاومة والمصارعة والكبت والتشبث والتهيج المستمر.

أين أتوسع؟

في ماذا أتوسع؟

من أين أبدأ؟

ماذا أفعل؟

كلها أسئلة فاسدة!

هل سألت نفسك يوماً:

أين سأولد؟

كم سيكون طولي؟

إلى آخره من الأسئلة التي لا تطرأ على أحد.

التوسع قانون من قوانين الحياة، ولا يعيق هذا القانون إلا أنت، وأنت تفعل ذلك ظناً منك أنك تحمي نفسك، وأنك واعٍ، وأنك خائف على قلبك وشعورك.

لدى الإنسان مهارة فائقة في حبس التجارب، وكبت الآلام، وامتصاص السموم، واجترار المآسي، يقع عليه مظلمة ما، فيكبتها، وتتجذر في أعماقه، حتى إذا ما استثيرت تلك الحادثة بأي شكل كان، ولو لم يكن له علاقة بالذي يحدث الآن، فقط يسمع كلمة، أو يرى مشهداً، أو يشم رائحة تذكره بتلك الحادثة، إلا واستيقظ الألم من جديد، وتجدد الخوف، وتحفز في الإنسان شعور الكر والفر، ورغب في الانطواء على نفسه، وإغلاق جميع منافذ روحه، والهرب بعيداً هناك، حيث لا يسمع، ولا يرى، ولا يشم.

عندما تمر بالإنسان لحظات سعيدة، أو شعور طيب، أو علاقة جميلة، تجده يتشبث بها، ويتعلق بها، ويحوطها بالأسلاك الشائكة، والجسور المفخخة، ويأخذ وضعية القط المنتفش والمتأهب للنزو على المخربين!

ما هذا!

إنه بذلك يقف في وجه موجات التوسع، ويسد منافذ السمو والارتقاء الطبيعي، عندما تصر على معرفة من أين وكيف وفي أي شيء سيكون التوسع، اقترح عليك أن تكون مستقبلاً جيداً لجميع مواقف الحياة، وأن تسمح لها بالمضي في طريقها بلا تحكم منك، وإن حصل وقد تجمع في داخلك العديد من المزعجات، فاسمح لجميع المثيرات أن تهب عليها، لا تستدعيها، ولكن كن هنا والآن، دعها تمر، قد تثير الآلام والمخاوف، وليكن، ستتألم، وليكن، ستخاف وليكن، ولكنك ستثبت شيئاً فشيئاً، وتتحرر شيئاً فشيئاً، ولن تظل في حالة طوارئ بشكل دائم، ولا في حالة تحفز بشكل دائم، ولا في حالة حمل للأثقال بشكل دائم، واجه ما تكره بكل نبل، واجه ما تخاف بكل شجاعة، ستتحطم على صخرة تكيفك كإنسان كل الصخور، وتتطاير كل الهموم، وستنغسل بشكل كامل من السموم، وتنفتح على جميع الاحتمالات، وتعيش الحياة كأي كائن طبيعي.

الحياة فيها موجات تأتي على شكل نذر أو أحداث أو مواقف أو تغيرات، ولكن ما الذي يجري، يشتغل في داخلك جهاز الإنذار، وتستدعي المواقف القديمة المشابهة وغالباً غير السارة، تبدأ بالتوتر والقلق والأرق، يتدخل عند ذلك عقلك، فينافح ويناقش ويلف ويدور، وعندما يعجز عن الحل وينهك الجسد، ويقض المضجع، يسلم الأمر لقلبك المتألم المفزوع، وتبقى في دوامة الاجترار، وتكرار الأحداث نفسها، والمواقف نفسها، والأشخاص نفسهم، ولا تتحرر لأنك منعت الرسالة من الوصول، ومنعت موجات التوسع من أخذ مجراها الطبيعي.

إنك تقول، لم أعد أشعر بشيء، ولا أرغب بأي شيء، ولا أريد أن أقابل أحداً، وهذه نتيجة طبيعية للانغلاق في وجه موجات التوسع، لقد تراكم على روحك ما سد شرايين الحياة فيها.

عندما تمر بلحظات سعيدة فقط تنفسها، عشها، أفرح بها، لكن لا تتعلق بها، فاللحظات تأتي وتذهب، والشمس تشرق وتغرب، فلماذا تصارع الحياة القوية، وأنت تعلم النتيجة سلفاً.

كن جاهزاً لموجات التوسع فهي في طريقها إليك، عندما تعرف من أنت، وماذا تريد، وتكون فطرياً في تعاملك مع الأفراح والأحزان والتجارب والذكريات، ستبلغ التوسع المكتوب لك كماً وكيفاً وقدراً، وستعيش وفق قانون التوسع.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خريطة الوهم، تسمية الأشياء بغير أسمائها

متاهة العقول المتورمة "تضخم الجسد الفكري ودمية ماتريوشكا"

الفطر الحكيم🍄