قضبان الحياة
قضبان الحياة
،،الحياة ليست سجن ولكن القضبان في عقلك،،
هل
تعاني من عدم استجابة الحياة للسيناريو الذي تتفنن في صنعه؟
لعلك
تسأل أحيانًا عن سبب غضبك لأتفه الأسباب؟
وترد
على نفسك بأن كل الناس يغضبون لأتفه الأسباب!
ويدور
في ذهنك هذا التساؤل:
هل
الغضب لأتفه الأسباب هو المشكلة، أم أنه مؤشر على مشكلة أعمق من ذلك
تتبدى
أعراض هذه المشكلة في:
غضب
لأتفه الأسباب
خسارة
العلاقات بسرعة
الخطأ
والندم بشكل متكرر
الحماس
والانطفاء بغير مبرر
الانتشار
والانكفاء بلا مسوغ
دوامات
فكرية وعاطفية ومالية بلا نهاية
كل
هذا الذي مر يعبر عن أساس تنبع منه كل المشكلات، كما ينبع الماء من تحت الجبل!
لنذهب
سويًا في رحلة إلى الجبل
هنا
في الجوار، إنه ليس بعيد، أعطني يدك:
هل
ترى هذا الطريق الممتد المنحنى عند رأسه؟
هذا
الطريق النظيف الناصع النقي
إنه
طريق روحك يومًا ما
لقد
مشيت فيه
وتنسمت
العبير
وشعرت
بحنان الشمس الدافئة
وترقرق
على وجنتيك منه الندى
وكنت
قوي الحواس والبصائر
اعلم
أنه يكاد يغمى عليك من رجع الذكرى، وتعاقب المشاهد، لا عليك، ستعتاد مثل هذه
الرحلات.
عندما
كنت طفلًا، كنت جديدًا، حيًا
تشعر
بالماء والطين فيك، وترى النور يسري بينهما
ترفع
رأسك في ألفة مع السماء، وتتحسس الأرض بقدم حافية صغيرة تعرف موضعها
أنت
ابن الأرض وروح السماء
لقد
كنت هنا، لقد كنت إنسانًا حيًا.
لنذهب
قُدمًا
كنت
تطلب والأرض تمنح
كنت
تتجرد والسماء تمطر
كنت
تفتح ذراعيك فتهب الرياح
كنت
تستقبل الحقل، فتتسابق الرياحين والزعاتر والورود على النفاذ لرئتيك الوردية.
ولكنك
بدأت تفكر في غير هذا الطريق
وتتكبر
على هذا الطريق
وتسلك
غير هذا الطريق
وتزاحم
طرقات الآخرين
وتسمح
لهم بالتدخل في طريقك، فوضعوا الأشواك والحوائل في طريقك
وأنت
بدورك زرعت لهم الألغام كي يتبخروا
وخفتت
حينا تلك الحواس، وجفلت الروح، وتولى العقل التحليلي المسار بالكامل، فبدأ يضع
الحواجز ويخطط، ويقبل ويرفض بمعايير مختلطة من الأجداد والبيئة والثقافة والأصدقاء
والأعداء
فخرست
الطيور وانكفأت الرياحين
وسخنت
الشمس وجفت الأرض واكفهرت السماء
ولاحت
نذر التصلب والانغلاق.
وللخروج
من هذا المأزق خذ هذه الفكرة المجنونة:
أنسف
كل أفكارك في لحظة
أسخر
من كل مشاعرك في لحظة
أخلع
شخصيتك اليابسة
أسلخ
جلدك المشدود بإحكام
تجرد
منك كما ولدتك أمك
من
قال لك يا حكيم الزمان وسيد العرفان أن أفكارك نبيلة، ومشاعرك صحيحة، وشخصيتك
مفيدة، وجلدك واقٍ من حوادث الدهر!
ما
زلنا في الطريق إلى الجبل لا تستعجل شيئًا
نعم
هي مرة واحدة كفكرة، ولكني أريد منك أن ترمي جزءًا بسيطًا في كل مرحلة من مراحل
الطريق، إلى أن نصل إلى ينبوع الجبل.
أخرج
من خلف القضبان
حطم
أسوارك العالية
إنك
تعلم بأن الكون فسيح، وأن الحقائق أكبر منك، وأنك لا تعلم ماذا يوجد خلف الجدار
الذي أمامك!
لذلك
خرجت من عفويتك، وطلقت طفولتك، وتبنيت منهجًا صمم خصيصًا لحمايتك، وما تدري أنك
بذلك تبني السجن العقلي والعاطفي، وتقيد روحًا كُتب لها الانطلاق لما وراء المحسوس
والمشاهد.
العالم
معقد، لا متناهي في حسك، وأنت مهموم، لأنك وضعت صياغة تظن أنها تلائمك، أنت خائف،
لذلك تريد أن تبسط سيطرتك، ولكن الأحداث تجري على غير ما تهوى، والمواقف تتفاقم
بشكل لم تحسبه، والأشخاص يتبدلون، وينتفخون مثل البلون وينفجرون، وأنت في حالة
تفاجؤ دائم، تتشبث بأظافرك، وتقسم أشد الأيمان، وتقفز من تقنية لأخرى، وتتعلق في
بساط راحتك الذي يُجَرُّ من تحت رجليك كل يوم!
هل
تدري أين الفخ؟
إنه
في الصياغة المرتجفة
الصياغة
التي تريد أن تضع كل الأمور في سياقها الصحيح، ضبط الحياة وفق قانونك المختلط!
ليس
هناك سياق صحيح في الحياة، بل هناك سياق موجود، وليس عليك سوى التعرف عليه، ولن
تتعرف عليه وأنت مشدود ومكدود وتردد الحياة صعبة!
عندما
لا تمشي الأمور على مزاجك تثور ثائرتك، وتتراءى منظر عالمك وهو يسيخ في الأرض، يا
نيرون لا تحرق روما فهي جميلة جدًا.
حطم
قلاعك السحيقة الرطبة، يا لتك الطحالب المتسلقة، والأشباح المترددة، والأنفاس
الخبيثة، والتماسيح المحيطة ببرك الركود والجمود!
الحياة
ليست منطقية، ولا معقولة، ولا مفهومة، هي فقط حياة
الحياة
ليست مشكلة، هي فقط حياة
الحياة
لا تحتاج تفسيرك، ولا تبريرك، ولا عقلنتك، ولا منطقك الأزرق
الحياة
ليست معادلة تحتاج إلى حل، الحياة وجدت كي تُعاش!
صيغك
العقلية صغيرة جدًا، محدودة جدًا
صيغك
العقلية قضبان متآكلة، حطمها وفز بجناحين من الذهب.
الحياة
غير محدودة
الحياة
فضاء فسيح متوارٍ
الحرية
الروحية تجذبك لآفاق أوسع وأرحب وأجمل وأروع
أنت
موعود بجنة الوجود المتاح، لا ترتب الخارج كي يتوافق مع صيغة حياتك الركيكة، بل
أقبل الحياة كما هي
قانون
الحياة أقدم من صيغة حياتك
قانون
الحياة غير قابل للكفاح، ولو تقلبت كل الليل من الأرق، صيغتك وصفة للقلق، والحياة
مجال الطمأنينة والفسحة.
لقد
اقتربنا يا صديقي، هذا هو الجبل، وهذا هو الينبوع
تقدم
قليلًا
اقترب
من الينبوع
لا
تخف كل شيء على ما يرام، لن يتعطل شيء، لن يفسد شيء، لن يضيع شيء
أحمل
معي هذه الصخرة، فعلًا هي ثقيلة، تَحَمَّل قليلاً، لنغلق فم الينبوع إلى الأبد
تقبل
ذاتك، تقبل الحياة.
هيا
ارجع إلى طريق النور
هناك حيث الصفاء الكامل، والوجود الكامل، والحضور الكامل، بلا محاذير، ولا تخدير، ولا كر، ولا فر، إنما هيا الحياة، والحياة فقط.
تعليقات
إرسال تعليق