الرقصة الرشيقة "التظاهر بالانسحاب"
الرقصة الرشيقة
التظاهر بالانسحاب
قد تتعمد الانسحاب،
والتظاهر بالهزيمة، ويتناغم فريقك معك، لأنه يفهمك، وقد جربك، العبرة في الرقصة
الرشيقة الأخيرة، لا في الرقصات المبكرة المجنونة، العبرة بوقفتك على رجل واحدة،
يديك على خصرك، قد مال جذعك إلى الأمام قليلاً، فتنفخ نفخة واحدة تُلقي بخصمك في
حفرة نواياه المظلمة.
بالإضافة إلى ما مر لا بد
أن تكون يقظاً للمابعديات، بمعنى ما الذي ينتظرنا بعد هذا السلام، أو الهدنة، أو
بعد هذه الحرب إن وجدت، لا تغرق في اللحظة الحاضرة، وتنام في سمن النصر وعسل
الفوز، أو تتوه في دروب التخطيط للضربات المتوالية، دع هامشاً للمابعد، كن مُحضِّراً
للمستقبل، كن مستبصراً لا غارقاً، أنظر للصورة الكاملة، أقرأ التاريخ، تعلم من
القادة العظماء، إن الذي لا يعرف كيف يبدأ السلام، لا يحسن أن يبدأ الحرب، توقع
ردود الأفعال على كل خطوة، افتح عينك على الأصدقاء أكثر من الأعداء، فمن طريقهم
الخلفي تنهدم أضعف أسوارك وأقلها حراسة، كن واقعياً في تعاملك مع طبائع الناس،
وتخيل تَحَلُّب لعابهم إذا سنحت الفرص، ولو كان ذلك على حسابك، بل إن بعض أصدقائك
لن يكون لهذه القطعة من اللحم مثلاً طعم إن لم تكن من كتفك، فاحم كتفك، ولا تسنده
إلا إلى جدارك أنت، لا على جدران المواعيد والعهود وضربات الصدر تحت وطأة العواطف
الحماسية، في زماننا هذا زمان قلة التركيز سيكون لسعة أفقك، ونظرتك الواسعة ميزة
تصعد بك فوق جبال السمو كتمثال خالد، ولا يتطلب ذلك منك الكثير، فقط كن في غاية
التركيز، ولا تلهيك المفرقعات المجنونة، وردود الأفعال الحمقاء من فريقك، أو من
عدوك الصاخب.
هل ما تملكه خطة واضحة، أم
خيال وأمنية؟
لن تتخذ قراراً حكيماً
إلا وفقاً لخطة مدروسة، فالأمنيات ستمدك بقرارات عاطفية هوجاء، إذا كنت تنظر كامل
الصورة، وترى طول الطريق، فستتخذ القرارات الجيدة بكل يسر، لأنك ترى ولست أعمى،
نعم سيتعجب فريقك من هذه القرارات، وسيتفاجأ خصمك كذلك، لكنك تدري ماذا تفعل، قد
تتنازل، قد تنسحب وأنت ظاهرياً لا تحتاج إلى ذلك، ولكنك ترى الإطار الأكبر،
ستتوازن في قراراتك بين الواقع والعظمة المنشودة، أعرف دورك وحدده بدقة، لا تختار
دورك أو تتمناه، في كثير من الأحيان لا يمكننا سوى الانبثاق من واقعنا وملابساته،
عندما تعرف دورك بالضبط سيأتي كل شيء، سترى الطريق، ستمضي بهدوء الواثقين، لأنك
تعرف الاتجاه، هناك ستتمكن من تضليل من تشاء بالسير أحياناً في دروب أخرى، ولكن
هذا مشروط بمعرفة طريقك أولاً.
تَمَعَّن في مقدرات خصمك،
سبب تفوقه، مصدر إمداده، هنا ستكون في موقف الذي يرى أين سيضرب بشكل خاطف لكنه
عميق، لا تؤلم يديك في تقطيع ذيل الأفعى، بل بضربة واحدة على الهامة سيندلق السم
الأزرق في الأرض، ولن يصيبك أي سوء.
إذا كنت تخبط الظلام، أو
أنك محشور في ردود الأفعال، فاعلم أن الوقت قد حان لتقفز من هذه السفينة برمتها
لنجاة نفسك، أو إن أمكن أن تبدل الأدوار بأن تبدأ بالفعل الغريب غير المتوقع، كي
ينقلب السحر على الساحر، ويبدأ خصمك في ردود الأفعال، وتتكمن من أخذ نفس عميق،
لمواصلة الطريق.
تعليقات
إرسال تعليق