مزمار الحاوي "العدوانية في أجلى صورها"🪈

 

مزمار الحاوي

العدوانية في أجلى صورها

إذا كان في حياتك أشخاص عدوانيون بشدة، وصاخبون بشدة، ومندفعون بشدة فخذ هذه الوصفة بعد مقدمة بسيطة:

يقول فرويد: ((الإنسان ليس كائناً مهذباً ودوداً، يتمنى الحب، ويدافع عن نفسه إذا هوجم وحسب، بل هناك رغبة قوية في العدوان، لا بد من احتسابها جزءاً من طبيعته)).

إذا كان رجل الكهف يحمل عصاه الغليظة، ولا يتردد في تلقين من يناوشه درساً قاسياً، فإن إنسان القرن الحادي والعشرين مهذبٌ جديد، ولين الملمس، لكنه لا يتردد في أن يحوك لك المكائد، وينصب لك الأفخاخ على طول الطريق، إنه لا يحسن المواجهة العارمة، ولكنه أستاذ في اللدغ الخفي المميت، لذلك لا تنخدع بلطف أحدهم الزائد، أو موقفه البارد عندما تسيء إليه من دون قصد، لقد حملها في قلبه وبرمجها كحملة قادمة، ليس كلهم كذلك، ولكن هذا الصنف موجود وبكثرة.

وأما الصنف العدواني الذي يعتمد على الصوت العالي وصرير الأسنان والتلويح بالقبضة، فهؤلاء ظرفاء جداً، وهم مجال واسع لتزمر لهم كم يفعل الحاوي ليخرجوا من سلة الأفاعي، ويتراقصوا بنشوة ظاهرة، فلا شيء يعميهم مثل المديح المنهال، والإدلاء بالرأي مع نسبته إليهم، فهم ينتفخون بشكل عاجل كالبالون، وفي يدك الدبوس، وأنت الحَكَم، هم فقاعات تظهر في سطح حياتك، والتعامل معهم أسهل مما تتصور، فقط لا تستعجل بالهروب أو بإخراجهم من حياتك، اعتبرهم فرصة للتدريب إذا كنت تُجيد لعبة الحاوي.

تظاهر بأنك قليل الحيلة كي تدفعه للتهور في النهاية، ثم أدفع ظهره بطرف إصبعك كي يسقط في حفرة الغرور، يقول سون تزو في فن الحرب: ((عندما تكون قادراً تظاهر بالعجز، وعند النشاط تظاهر الخمول)).

إذن المنفعل بشكل دائم، والغضوب بشكل دائم، لا ينفع أبداً أن تواجهه بنفس الشعور المتفجر، بل خذه في رقصة تدوخه، وتأكد بأن أمثال هؤلاء نَفَسهم قصير جداً، وهم فرصة لتدريبك وتطويرك أكثر من غيرهم، لأنه عندما تتقن لعبة الحاوي ستكون من أشد الناس مهارة في لعبة الحياة، خصوصاً في البيئات المضطربة، وأما البيئات الصحية فنم فيها قرير العين.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خريطة الوهم، تسمية الأشياء بغير أسمائها

متاهة العقول المتورمة "تضخم الجسد الفكري ودمية ماتريوشكا"

الفطر الحكيم🍄